هل يلزم المسؤول ذكر عيوب الخاطب التي أقلع عنها؟

السؤال: 

كثيرا ما أسأل عن أشخاص تقدموا للخطبة من أسرة ما ، وذلك ثقة بي وبرأيي، وعندما يسألونني يقولون لي: ما رأيك بفلان هل يصلح أن اعطيه ابنتي أو أختي وكلامك هو الذي سأمشي عليه. والسؤال هنا: هل من الواجب أن أبين ماضي الشخص لهم، مثلا قد يكون من متعاطي المخدرات، أو عنده ماضي سيئ (علاقات محرمة ..الخ) لكنه تاب وأناب وأصبح مستقيماً، فهل الواجب علي أن أبين هذا الماضي لهم .. خصوصاً عندما يرديون مني معرفته بالتفاصيل .. وللاهمية يرجى سرعة الرد جزاكم الله خيرا ً.

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛

فإنَّ الواجب على من استشير في أمر الزواج أن ينصح لمن استشاره ولا يغشه، فإذا عَرف في المسؤول عنه عيباً شرعياً وَجب عليه ذكره، وإلا َّكان غاشاً لمن سأله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المستشار مؤتمن". رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه. ولما رواه مسلم أنَّ فاطمة بنت قيس رضي الله عنها ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم أنَّ معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم رضي الله عنهما خطباها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحى أسامة بن زيد".

قال النووي في رياض الصالحين: " ومنها -أي الأسباب المبيحة للغيبة-: المشاورة في مصاهرة إنسان، أو مشاركته، أو إيداعه، أو معاملته، أو غير ذلك، أو مجاورته. ويجب على المشاور أن لا يُخْفي حاله، بل يذكر المساوي التي فيه بنية النصيحة".

لكن إذا كان العيب قديماً، وغلب على ظن المسؤول أنه تاب منه وأقلع، فلا يجب عليه ذكره؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "التائب من الذنب كمن لا ذنب له". أخرجه ابن ماجة وحسنه ابن حجر.

إلاَّ إذا علم من حال السائل أنَّه إن علم بذلك لم يزوجه، كان من حقه أن يخبره به.

ومما يجب التذكير به أمور:

أولاً: أن يكون الدافع لذكر هذه المساوئ النصيحة لله، وليس شيئاً آخر.

ثانياً: أن يكون الناصح متيقناً مما يذكر من العيوب والمساوئ، ولا يأخذ الناس بالتوهم والظنون.

ثالثاً: أن يقتصر الناصح على ذكر ما تَمس الحاجة إلى ذكره، فلو علم اكتفاء السائل بالإشارة أو التلميح كقوله: (لا يصلح لمثلك) فإنه لا يجوز له الزيادة على ذلك. قال السخاوي في الإعلان بالتوبيخ: "وإذا أمكنه الجرح بالإشارة المفهمة، أو بأدنى تصريح، لا تجوز له الزيادة على ذلك، فالأمور المرخص فيها للحاجة لا يرتقي فيها إلى زائد على ما يحصل الغرض".

والله أعلم.