ما حكم سب السماء

السؤال: 

هل سب السماء يعتبر من الكفر الأكبر أم مجرد معصية كبيرة؟ وشكراً

الجواب

الحمد الله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛

فإنَّ لسبِّ السماء صورتين:

الأولى: أن يكون ذلك لأجل التضرر بالمطر أو الريح أو نحوهما من بلَل يصيب الثيابَ فيمرض بسببه أو يتعطل عن عمله، ولا شك أنَّ هذا ليس بأمر السماء، وإنَّما بأمر الله جل وعلا، فهو مقدر الأسباب؛ فيُخشى أن يَتطرق السبُّ لخالق السماء ومصرف أمورها -وإن لم يقصد السابُّ ذلك- فيكون حراماً. قال الله سبحانه في الحديث القدسي الذي أخرجه البخاري ومسلم: "يؤذيني ابن آدم، يسبُّ الدهرَ وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار".

قال العراقي في طرح التثريب: "فيه النهي عن هذا الكلام، وقد كان أهل الجاهلية يستعملون مثل ذلك، ومن عقيدة بعضهم أن الزمان هو الفاعل حقيقة؛ لتعطيلهم ونفيهم الإله ... قال أبو العباس القرطبي: ولا شك في كفر من نَسب تلك الأفعال أو شيئاً منها للدهر حقيقة، واعتقد ذلك. وأمَّا من جرت هذه الألفاظ على لسانه ولا يعتقد صحة ذلك فليس بكافر، ولكنه قد تشبَّه بأهل الكفر وبالجاهلية في الإطلاق، وقد ارتكب ما نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، فليتب وليستغفر الله".

وقال الإمام الشافعي في كتاب الأم: "ولا ينبغي لأحد أن يسب الريح، فإنَّها خلق لله عز وجل مطيع، وجندٌ من أجناده يجعلها رحمة ونقمة إذا شاء".

ثانيها: أن يَقْصد السابُّ سبَّ الله عز وجل؛ اعتراضاً على قضائه وقدره، أو بغضاً لما أمر به، أو استهزاء به سبحانه. وهذا بلا شك كفر أكبر يُخرج صاحبه من الملة والعياذ بالله. قال تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة: 65-66].

والواجب عدم المسارعة إلى تكفير من وقع في شيء من ذلك، بل الواجب مناصحته حتى يتبين أمره والله أعلم.