الجمود على التصنيف مع الاعتراف بالنضج

بِسْم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فللأديب الأيرلنديالساخر: جورج برنارد شو كلمة تشخِّص حالنا في حكمنا على الآخرين والتعامل معهم، ما أحوجنا إلى التفكر فيها والاتعاظ بها، حيث قال: 
"شخص وحيد يتصرف بعقل: الخياط! يأخذ مقاساتي كلَّ مرة يراني.
أمَّا الباقون، فيستخدمون مقاييسهم القديمة، ويتوقعون مني أن أناسبها ".
نعم، مازلنا نصرُّ على كثير من تصنيفاتنا القديمة التي ربما بُني بعضها على مواقف رأيناها من بعض إخواننا في شبابهم، بل ربما في صباهم.
ومازلنا نحافظ على آرائنا في أناس وقد أسسناها على أفكار ورؤى قد تراجعنا عنها أو على الأقل هذبناها.
فنصر على وصف هذا بالخارجية مع علمنا بغلو كان فينا في باب طاعة ولاة الأمر.
ونستمر في وصف ذاك بأنه مرجئ لغلوٍ كان فينا في باب منابذة الحكام.
ونصف ثالثاً بأنَّه مذهبي متعصب لغلو كان فينا في باب التمذهب والعمل بالراجح.
ولو أنصفنا، لعلمنا أنَّه من الظلم البين أن نعامل الناس بمواقف قد مر عليها دهر طويل، وبأدنى تأمل يظهر رجوعهم عنها.
كما أنَّه من الظلم البين -أيضاً- أن نحكم على الآخرين وفقاً لقواعد قد تراجعنا عنها وظهر لنا بطلانها.

فلا يمنعنك رأي رأيته ثم رجعتَ عنه أن تراجع تصنيفك الذي بنيته عليه، فإنَّ من تمام التوبة إصلاح ما بني على الخطأ.

{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}
{رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا}