أقل الصداق وأكثره

السؤال: 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فضيلة الشيخ، فتاة خُطبت وسيُعقد عليها قريباً إن شاء الله، وبالتواصل بين النساء طلبوا منها الذهاب إلى السوق وشراء ذهب لا تتجاوز قيمته 5 ألآف دينار ليبي ليكون مقدم صداقها، وقبلت بذلك رغم رفض أخواتها، لكنها لا تريد مخالفة الشرع، وتعتقد أن الصداق ربع دينار ذهب، فما قيمة هذا بالعملة الليبية؟ وما ترون في هذه المسألة

الجواب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛

تحديد أدنى الصداق بربع دينار ذهباً أو ما يقوم بها هو مذهب الإمام مالك رحمه الله، فقال في الموطأ: "لا أرى أن تنكح المرأة بأقل من ربع دينار، وذلك أدنى ما يجب فيه القطع". وقال ابن عبد البر في التمهيد (2/ 186): "واعتل بعض أصحابنا لذلك بأنها أقل ما بلغه في الصداق فلم يتعده، وجعله حداً إذا لم يكن فيه بد من الحد؛ لأنه لو تُرِكَ الناس وقليل الصداق كما تُرِكوا وكثيره = لكان الفلس والدانق ثمناً للبضع، وهذا لا يصلح؛ لأنه لا يسمى طولاً ولا يشبه الطول، قال الله عز وجل: {ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات} . ولو كان الطول فلساً ونحوه لكان كل أحد مستطيعاً له. وفي الآية دليل على منع استباحة الفروج باليسير ... ولم يكن بد من الصداق المقدر، كالنفس التي لا تستباح بغير بدل فقدرت ديتها، وكان أشبه الأشياء بذلك قطع اليد؛ لأن البضع عضو واليد عضو يستباح بمقدر من المال، وذلك ربع دينار، فرد مالك البضع قياساً على اليد، وقال: لا يجوز صداق أقل من ربع دينار، لأن اليد لا تقطع عنده من السارق في أقل من ربع دينار".

وذهب جمهور أهل العلم إلى أنَّه لا حد لقليل الصداق ولا لكثيره، وقالوا: لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء في تحديد أقل الصداق، بل صحَّ عنه أنه قال لرجل من أصحابه أراد أن يتزوج امرأة: "التمس ولو خاتماً من حديد" (متفق عليه)، وهذا كناية عن اشتراط الصداق ولو كان شيئاً قليلاً، ولم يَحُدَّ فيه شيئاً.

وعليه فالذي يظهر -والله أعلم- أنَّه لا يشترط أن يكون الصداق أكثر من ربع دينار ذهباً، بل لو سمَّى الزوج لزوجته صداقاً مهما قلَّ صح الزواج.

وقد اتفق أهل العلم على أنه يكره المغالاة في المهور؛ لما فيه من التشديد على الراغبين في الزواج، ولما رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من يمن المرأة تيسير خِطبتها، وتيسير صداقها، وتيسير رحمها ".

وعليه، فما قامت به هذه الفتاة صحيح، ويستحب لها أن ترضى بالقليل من الصداق، ولا تثقل كاهل الزوج مادام رجلاً صالحاً.

أمَّا قيمة ربع دينار الذهب اليوم، فما يساوي قيمة 1.0625 جم (جرام واحد واثنان وستون مليجرام ونصف).

والله أعلم.