السلام عليكم، هل يكون أجر صلاة الجماعة في غير المسجد -مثل المصلى في الجامعة حيث يجتمع الطلاب ويصلون جماعات جماعات؛ لأن وقت الصلاة في المسجد قد فات- هل أجرهم يعادل أجر الجماعة في المسجد؟ وهل حديث (صلاة الرجل في جماعة) يعني في المسجد؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فقد ورد في هذه المسألة حديثان:
الأول: ما أخرجه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة". وظاهر هذا الحديث أنَّ المفاضلة جارية بين صلاة الجماعة أياً كان محلها فتشمل جماعة المسجد والسوق والجامعة، في مقابل صلاة الفذ عموماً.
والثاني: ما أخرجه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسة وعشرين ضعفاً، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلاَّ الصلاة، لم يخط خطوة إلاَّ رفعت له بها درجة، وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة". وظاهر هذا الحديث أنَّ المفاضلة جارية بين صلاة الجماعة في المسجد (بدليل مقابلته بالبيت والسوق) في مقابل الصلاة في السوق أو البيت (وظاهره سواء كان فذاً أو جماعة)؛ حيث علَّل التفضيل بالخروج والخطوات وانتظار الصلوات.
قال العراقي في طرح التثريب: "ظاهر الرواية المذكورة من الصحيحين في آخر الباب يقتضي التقييد بالمسجد؛ لما فيه من الإشارة إلى العلة، فإنه لما ذكر أنها تفضل بخمسة وعشرين ضعفاً أو ببضع وعشرين درجة، قال: (وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة) فذكر الحديث، فعلَّل ما ذكر من الثواب أولا بما ذكره ثانيا وفيه الخروج إلى المسجد، وكذا قوله في أول الحديث: (تزيد على صلاته في بيته وفي سوقه)، وربما كانت صلاته في بيته أو في سوقه جماعة فرتب عليها الفضل بالتضعيف المذكور والله أعلم".
فإذا جمعنا بين الحديثين، قلنا: إنَّ الصلاة في المسجد جماعة أفضل من الصلاة جماعة في البيت أو السوق أو الجامعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: " صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسة وعشرين ضعفاً". وصلاة الجماعة في السوق أو البيت أو الجامعة أفضل من صلاة الفذ في بيته؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة".
قال ابن حجر: " الظاهر أن التضعيف المذكور مختص بالجماعة في المسجد، والصلاة في البيت مطلقاً أولى منها في السوق؛ لما ورد من كون الأسواق موضع الشياطين، والصلاة جماعة في البيت وفي السوق أولى من الانفراد. وقد جاء عن بعض الصحابة قصر التضعيف إلى خمس وعشرين على التجميع، وفي المسجد العام مع تقرير الفضل في غيره. وروى سعيد بن منصور بإسناد حسن عن أوس المعافري أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص: أرأيت من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى في بيته؟ قال: حسن جميل. قال: فإن صلى في مسجد عشيرته؟ قال: خمس عشرة صلاة. قال: فإن مشى إلى مسجد جماعة فصلى فيه؟ قال: خمس وعشرون ".
فعلى الطلاب إذا كان صادف وقت الصلاة وقت الدراسة أن يحرصوا على أداء الصلاة في جماعة حتى لا يفوتهم أجرها، والله أعلم.