الدرس الرابع من سلسلة دروس شرح كتاب نزهة النظر
الدرس الرابع من سلسلة دروس شرح كتاب نزهة النظر
الدرس الرابع من سلسلة دروس شرح كتاب: نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لفضيلة الشيخ الدكتور نادر السنوسي العمراني رحمه الله تعالى نص الكتاب: من الصفحة 52 إلى الصفحة 58 وذلك من قوله: وقد يَقعُ (1) [فيها] (2) ؛ أي: في أَخْبارِ الآحادِ المُنْقَسِمَة إِلى مَشْهورٍ وعَزيزٍ وغَريبٍ؛ مَا يُفيدُ العِلْمَ {ظ / 6 ب} النَّظريَّ بالقَرائِنِ؛ عَلى المُختارِ؛ خِلافاً لِمَنْ أَبى ذلك. والخِلافُ في التَّحْقيقِ لَفْظيٌّ؛ لأنَّ مَنْ جَوَّزَ إِطلاقَ العِلْمِ قَيَّدَهُ بِكونِهِ نَظَريّاً، وهُو الحاصِلُ عن (3) الاسْتِدلالِ، ومَنْ أَبى الإِطلاقَ؛ خَصَّ لَفْظ العِلْمِ بالمُتواتِرِ، وما عَداهُ عِنْدَهُ [كُلُّهُ] (4) ظَنِّيٌّ، لكنَّهُ (5) لا يَنْفِي {أ / 5 ب} أَنَّ ما (6) احْتفَّ «منه» (7) بالقرائِنِ أَرْجَحُ ممَّا (8) خَلا عَنها. والخَبَرُ المُحْتَفُّ بالقَرائِن أنواعٌ: مِنْها مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخانِ في صَحيحَيْهِما ممَّا لَمْ يَبْلُغْ [حَدَّ] (9) المتواتِرِ (10) ، فإِنَّهُ احْتُفَّتْ (11) بِهِ قرائِنُ؛ منها: جَلالتُهُما في هذا الشَّأْنِ. {ن / 5 أ} وتَقَدُّمُهُما في تَمْييزِ الصَّحيحِ على غيرِهما. وتَلَقِّي العُلماءِ كِتابَيْهِما (12) بالقَبُولِ، وهذا التَّلقِّي وحدَهُ أَقوى في إِفادةِ العلمِ مِن مُجَرَّدِ كَثْرَةِ الطُّرُقِ القاصرةِ عَنِ التَّواتُرِ. إِلاَّ أَنَّ هذا مُخْتَصٌّ (13) بِمَا لَمْ يَنْقُدْهُ (14) أَحدٌ مِنَ الحُفَّاظِ [مِمَّا] (15) في الكِتابينِ، وبِما (16) لَمْ يَقَعِ التَّجاذُبُ بينَ مَدْلولَيْهِ مِمَّا [وَقَعَ] (1) في الكِتابينِ، حيثُ لا تَرْجيحَ لاستِحالَةِ أَنْ يُفيدَ المُتناقِضانِ العِلْمَ بصِدْقِهِما من [غيرِ] (2) ترجيحٍ لأحدِهِما على الآخرِ. وما عَدا ذلك؛ فالإِجماعُ حاصِلٌ على تَسْليمِ صِحَّتِهِ. {ظ / 7 أ} فإِنْ قِيلَ: إِنَّما اتَّفَقوا على وُجوبِ العَمَلِ {ص / 4 أ} بِهِ لا عَلى صِحَّتِهِ؛ مَنَعْنَاهُ. وسَنَدُ {ط / 4 أ} المَنْعِ أَنَّهُمْ مُتَّفِقونَ عَلى وُجوبِ العَمَلِ بِكُلِّ مَا صَحَّ ولوْ لَمْ يُخْرِجْهُ الشَّيْخانِ، فلمْ يَبْقَ للصَّحيحينِ في هذا مَزيَّةٌ، والإِجماعُ حاصِلٌ على أَنَّ لهُما مَزِيَّةً فيما (3) يَرْجِعُ إِلى نَفْسِ (4) الصِّحَّةِ. ومِمَّن (5) صَرَّحَ بإِفادَةِ مَا خَرَّجَهُ الشَّيْخانِ العِلْمَ {ب / 4 ب} النَّظَرِيَّ: الأسْتاذُ أَبو إِسْحاقَ الإِسْفَرايِينِيُّ، ومِن أَئِمَّةِ الحَديثِ أَبو عبدِ اللهِ الحُمَيْدِيُّ، وأَبو الفَضْلِ بنُ طاهِرٍ وغيرُهُما. ويُحْتَمَلُ أَنْ يُقالَ: المَزِيَّةُ المَذْكُورَةُ كَوْنُ أَحادِيثِهِما أَصَحَّ الصَّحيحِ. ومِنها: «المَشْهورُ» إِذا كانَتْ لهُ طُرُقٌ مُتبايِنَةٌ سالِمَةٌ {أ / 6 أ} مِنْ ضَعْفِ الرُّواةِ، والعِلَلِ. وممَّن صَرَّحَ بإِفادَتِهِ العِلْمَ النَّظَرِيَّ الأسْتاذُ أَبو مَنْصورٍ البَغْدادِيُّ، والأسْتاذُ أَبو بَكْرِ بنُ فُورَكٍ «- بضم الفاء -» (1) وغيرُهُما. ومِنها: «المُسَلْسَلُ» بالأئمَّةِ الحُفَّاظِ المُتْقِنينَ، حيثُ لا يكونُ غَريباً؛ كالحَديثِ [الَّذي] (2) يَرْويهِ أَحمَدُ بنُ حَنْبَلٍ مَثلاً ويُشارِكُهُ فيهِ غَيْرُهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ، ويُشارِكُهُ [فيهِ] (3) غيرُهُ عنْ مالِكِ بنِ أَنسٍ؛ فإِنَّهُ يُفيدُ العِلْمَ عندَ سَامِعِهِ {ن / 5 ب} بالاستِدْلالِ مِن (1) [جِهَةِ] (2) جَلالَةِ رُواتِهِ، وأَنَّ {ظ / 7 ب} فيهِمْ (3) مِنَ الصِّفاتِ اللاَّئِقَةِ المُوجِبَةِ للقَبولِ مَا يقومُ مَقامَ العَدَدِ الكَثيرِ مِنْ غَيْرِهِم. ولا يَتَشَكَّكُ مَنْ لَهُ [أَدْنَى] (4) مُمارَسَةٍ بالعِلْمِ وأَخْبارِ النَّاسِ أَنَّ مالِكاً مَثلاً لو شافَهَهُ بخَبَرٍ أَنَّهُ صادِقٌ فيهِ، فإِذا انْضافَ إِليهِ «أيضاً» (5) مَنْ هُو في تِلْكَ الدَّرَجَةِ؛ ازْدَادَ قُوَّةً، وبَعُدَ عَمَّا (6) يُخْشَى عليهِ مِنَ السَّهْوِ. وهذهِ (7) {هـ / 6 ب} الأنْواعُ الَّتي ذكَرْناها لا يَحْصُلُ العلمُ بصِدْقِ الخَبرِ (8) منها إِلاَّ للعالِمِ بالحَديثِ، المُتَبَحِّرِ فيهِ، العارِفِ بأَحوالِ الرُّواةِ، المُطَّلِعِ عَلى العِلَلِ. وكَوْنُ غيرِهِ لا يَحْصُلُ لهُ [العِلْمُ] (9) بصِدْقِ ذلك لِقُصورِهِ عن الأوْصافِ المَذكورَةِ لا يَنْفي حُصولَ العِلْمِ للمُتَبَحِّرِ المَذْكورِ، [واللهُ أَعلمُ] (10) . ومُحَصّلُ الأنْواعِ الثَّلاَثَةِ الَّتي ذَكَرْناها: أنَّ الأوَّلَ: يَخْتَصُّ بالصَّحيحينِ. والثاني: بِما لَهُ طُرُقٌ مُتَعَدِّدَةٌ. والثَّالِثُ: بِما رواهُ الأئمَّةُ. ويمكِنُ اجْتماعُ الثَّلاثةِ في حَديثٍ واحِدٍ، فلا (11) يَبْعُدُ حينئذٍ القَطْعُ {ط / 4 ب} بصِدْقِهِ (12) ، {أ / 6 ب} [واللهُ أَعْلمُ] [ثمَّ الغَرابَةُ إِمَّا أَنْ تَكونَ (14) في أَصلِ السَّنَدِ؛ أي: [في] (15) الموضعِ الَّذي يَدورُ الإِسنادُ عليهِ ويَرْجِعُ، ولو تَعَدَّدَتِ الطُّرقُ إِليهِ، وهو طرَفُهُ الَّذي فيهِ الصحابيُّ {ظ / 8 أ} أَوْ لاَ] (1) يَكونُ (2) كَذلكَ؛ بأَنْ يَكونَ التَّفَرُّدُ في أَثنائِهِ، {ب / 5 أ} كأَنْ يَرْوِيَه عَنِ الصَّحابيِّ أَكثَرُ مِنْ واحِدٍ (3) ، ثمَّ (4) يتفرَّدُ (5) بروايَتِه عنْ واحِدٍ منهُم شَخْصٌ واحِدٌ. فالأوَّلُ: الفَرْدُ المُطْلَقُ؛ {ص / 4 ب} كَحديثِ النَّهْيِ عَنْ بيعِ الوَلاءِ وعَنْ هِبَتِهِ؛ تفرَّدَ {ن / 6 أ} بهِ عبدُ اللهِ بنُ دينارٍ عنِ ابنِ عُمرَ. وقد يَتَفَرَّدُ (6) بهِ رَاوٍ عَنْ ذلك المُتفرِّدِ (7) ؛ كحديثِ شُعَبِ الإِيمانِ؛ وقد (8) تفرَّدَ بهِ أَبو صالحٍ عَنْ أَبي هُريرةَ، وتفرَّدَ بهِ عبدُ اللهِ بنُ دينارٍ عَنْ أَبي صالحٍ. وقدْ يَسْتَمِرُّ التفرُّدُ في جميعِ رواتِهِ (9) أَوْ أَكْثَرِهمْ، وفي «مُسْنَدِ البَزَّارِ (1) » و «المُعْجَم الأوسط» للطَّبرانيِّ أَمثلةٌ كثيرةٌ لذلك. والثَّانِي: الفَرْدُ النِّسْبِيُّ سُمِّيَ نسبيّاً لكونِ التفرُّدِ فيهِ حصلَ بالنسبةِ إِلى شخصٍ معيَّنٍ، وإِنْ {هـ / 7 أ} كانَ الحَديثُ في نفسِه مشهوراً. ويقلُّ إِطلاقُ الفَرْدِيَّةِ عليهِ؛ لأنَّ الغَريبَ والفَرْدَ مُترادِفانِ لغةً واصْطِلاحاً؛ إِلاَّ أَنَّ أَهْلَ «هذا» (2) الاصطِلاحِ غايَروا بينَهُما من حيثُ كَثْرَةُ الاستِعمالِ وقِلَّتُهُ. فالفرْدُ أَكْثَرُ ما يُطْلِقونَهُ على الفَرْدِ المُطْلَقِ. والغَريبُ أَكثرُ ما يُطْلِقونَهُ عَلى الفَرْدِ النِّسْبيِّ. وهذا مِن حيثُ إِطلاقُ الاسمِ (3) عليهِما. وأَمَّا مِنْ حيثُ استِعْمالُهم {ظ / 8 ب} الفِعْلَ المُشْتَقَّ؛ فلا يُفَرِّقونَ، {أ / 7 أ} فَيقولونَ في المُطْلَقِ والنِّسْبيِّ: تَفَرَّدَ بِهِ فُلانٌ، أَوْ (4) : أَغْرَبَ بِهِ فُلانٌ. وقَريبٌ مِن هذا اختِلافُهُم في المُنْقَطِعِ والمُرْسَلِ؛ «و» (5) هلْ هُما مُتغايِرانِ أَوْ لاَ؟ فأَكْثَرُ المُحَدِّثين على التَّغايُرِ، لكنَّهُ عندَ إطلاقِ الاسمِ، وأمَّا عندَ اسْتِعمَالِ (6) الفِعْل المُشْتَقِّ فيستَعْمِلونَ الإِرسالَ (7) فقَطْ فيَقولونَ (8) : أَرْسَلَهُ فلانٌ، سواءٌ كانَ [ذلكَ] (9) مُرْسَلاً أَوْ (10) مُنْقَطِعاً. ومِن ثَمَّ (11) أَطْلَقَ غيرُ واحِدٍ - مِمَّن لم يلاحِظْ مواضِعَ (12) اسْتِعمالِهِ (13) - {ط / 5 أ} على كثيرٍ مِن المُحدِّثينَ أَنَّهُم لا يُغايِرونَ بينَ المُرْسَلِ والمُنْقَطِعِ! وليسَ كذلك؛ لما حَرَّرناهُ، وقلَّ مَن نبَّهَ على النُّكْتَةِ في ذلك، [واللهُ أعلمُ] (1) .
معلومات عن المادة
- الزمن:1:02:04
- القسم:علوم الحديث
- وسوم:
- نادر السنوسي العمراني
- نزهة النظر