الدرس السادس من سلسلة دروس شرح كتاب: نزهة النظر

الدرس السادس من سلسلة دروس شرح كتاب: نزهة النظر

الدرس السادس من سلسلة دروس شرح كتاب: نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لفضيلة الشيخ الدكتور نادر السنوسي العمراني رحمه الله تعالى نص الكتاب: من الصفحة 62 إلى الصفحة 66 وذلك من قوله: وقد صرَّحَ الجمهورُ بتقديمِ «صحيحِ البُخاريِّ» في الصِّحَّةِ، ولم يوجَدْ {ط / 6 أ} عنْ أحدٍ التَّصريحُ بنقيضِهِ. وأَمّا ما نُقِلَ {ظ / 10 ب} عَن أبي عليٍّ النَّيْسابوريِّ أَنَّهُ قالَ: ما تحتَ أَديمِ السَّماءِ أَصحُّ مِن كتابِ مُسلمٍ؛ فلمْ يُصرِّحْ بكونِه أَصحَّ مِن صحيحِ البُخاريِّ؛ لأَنَّهُ إِنَّما نَفَى وُجودَ كتابٍ أَصحَّ مِن كتابِ مسلم؛ إِذ المَنْفِيُّ إِنَّما هُو ما تَقْتَضيهِ (5) صيغَةُ أَفْعَلَ من زيادَةِ {ب / 6 ب} صحَّةٍ في كتابٍ شارَكَ كتابَ مُسلمٍ في الصِّحَّةِ، يمتازُ بتلكَ الزِّيادَةِ عليه، ولم يَنْفِ المُساواةَ. وكذلكَ ما نُقِلَ عنْ بعضِ المَغارِبَةِ أَنَّهُ فَضَّلَ صحيحَ {هـ / 9 أ} مُسلمٍ على صحيحِ البُخاريِّ؛ فذلكَ (6) فيما يرجِعُ إِلى حُسْنِ السِّياقِ وجَوْدَةِ الوَضْعِ والتَّرتِيبِ. ولم يُفْصِحْ أَحدٌ منهُم بأَنَّ ذلكَ راجِعٌ إِلى الأصحِّيَّةِ، ولو أَفْصَحوا به لردَّهُ (7) عليهِمْ شاهِدُ الوُجودِ، فالصِّفاتُ الَّتي تدورُ عليها الصِّحَّةُ في كتابِ البُخاريِّ أَتمُّ منها في كتابِ مسلمٍ وأَشَدُّ (1) ، وشرطُهُ فيها أَقوى وأَسَدُّ (2) . أَمَّا رُجْحانُهُ مِن حيثُ الاتصالُ؛ فلاشْتِراطِهِ أَنْ يكونَ الرَّاوِي قَدْ ثَبَتَ لهُ ن/ 8 أ لِقاءُ مَنْ روى عنهُ ولو مَرَّةً، واكْتَفى مُسْلِمٌ بمُطْلَقِ المُعاصَرَةِ، وأَلْزَمَ البُخاريَّ بأَنَّهُ يحتاجُ [إِلى] (3) أَنْ لا يقْبَلَ العَنْعَنَةَ أَصلاً! وما أَلْزَمَهُ بهِ ليسَ بلازِمٍ؛ {ص / 6 أ} لأنَّ الرَّاويَ {ظ / 11 أ} إِذا ثبتَ [لهُ] (4) اللِّقاءُ مرَّةً؛ لا (5) يجْري في رواياتِهِ (6) احْتِمالُ أَنْ لا يكونَ «قد» (7) سمِعَ [منهُ] 8؛ لأنَّهُ يلزمُ مِن جَريانِهِ أَنْ يكونَ مُدَلِّساً، والمسأَلةُ مَفروضَةٌ في غير المُدَلِّسِ. {أ / 9 أ} وأَمَّا رُجْحَانُهُ مِنْ حيثُ العَدالَةُ والضَّبْطُ؛ فلأنَّ الرِّجالَ الَّذينَ تُكُلَِّمَ فيهِم مِن رجالِ مُسلِمٍ أَكثرُ عَدداً مِن الرِّجالِ الَّذينَ تُكُلِّمَ فيهِم مِن رجالِ البُخاريِّ، معَ أَنَّ البُخارِيَّ لم يُكْثِرْ مِن إِخراجِ حَديثِهِمْ، بل غالِبُهُمْ مِن شيوخِهِ (9) الذينَ أَخَذَ عنهُم ومَارَسَ حَديثَهُم، بخِلافِ مُسلمٍ في الأمْرَينِ. وأَمَّا رُجْحانُهُ مِن حيثُ عدمُ الشُّذوذِ والإِعلالِ؛ فلأنَّ {هـ / 9 ب} ما انْتُقِدَ (10) [على البُخاريِّ مِن الأحاديثِ أَقلُّ عدداً مِمَّا (11) انْتُقِدَ (12) ] (13) على مُسْلِمٍ، هذا مع اتِّفاقِ العُلماءِ على أنَّ البُخاريَّ كانَ أَجلَّ مِن مُسْلِمٍ في العُلومِ وأَعْرَفَ بصِناعةِ الحَديثِ مِنهُ (1) ، وأَنَّ مُسلماً تِلْميذهُ وخِرِّيجُهُ، ولم يزَلْ يَسْتَفيدُ منهُ ويتَتَبَّعُ (2) آثارَهُ حتَّى «لقد» (3) قالَ الدَّارَقُطنِيُّ: لولا البُخاريُّ لَما (4) راحَ مُسْلِمٌ {ط / 6 ب} ولا جَاءَ. ومن ثَمَّ (5) ؛ أي: «و» (6) من هذه الحيثيَّةِ (7) - وهي أَرجحيَّةُ شَرْطِ البُخاريِّ على غيرِه - قُدِّمَ «صحيحُ البُخاريِّ» {ظ / 11 ب} على غيرِه 8 من الكُتُبِ المُصَنَّفةِ في الحديثِ. ثمَّ صحيحُ مُسْلِمٍ؛ {ب / 7 أ} لمُشارَكَتِه للبُخاريِّ في اتِّفاقِ العُلماءِ على تَلَقِّي كِتابِهِ بالقَبولِ أَيضاً، سوى ما عُلِّلَ. ثمَّ يُقَدَّمُ في الأرجحيَّةِ من حيثُ الأصحِّيَّةُ ما وافَقَهُ (9) شَرْطُهُما؛ لأنَّ المُرادَ به رواتُهُما {ن / ب} معَ باقي شُروطِ (10) الصَّحيحِ، ورواتُهما قد حَصَلَ الاتِّفاقُ على القَوْلِ (11) بتَعديلِهِمْ (12) بطريقِ اللُّزومِ، فهم مُقَدَّمونَ على غيرِهم في رِواياتِهم، وهذا أَصلٌ لا يُخْرَجُ عنهُ إِلاَّ بدليلٍ. فإِنْ كانَ الخَبَرُ على شَرْطِهما معاً؛ كانَ {أ / 9 ب} دونَ ما أَخرَجَهُ (13) مسلمٌ أَو مثله. وإِنْ كانَ على شَرْطِ أَحَدِهما؛ فيُقَدَّمُ شَرْطُ البُخاريِّ وحْدَه على شرطِ مُسلمٍ وحدَه تَبَعاً لأصلِ كُلٍّ منهُما. فخَرَجَ {هـ / 10 أ} لنا مِن هذا (14) سِتَّةُ أَقسامٍ تتفاوتُ دَرَجاتُها في الصِّحَّةِ. وثَمَّةَ (15) قسمٌ سابعٌ، وهو ما ليسَ على شرطِهما (16) اجتِماعاً (17) وانْفراداً. وهذا التَّفاوتُ إِنَّما هو بالنَّظرِ إِلى الحيثيَّةِ المذكورةِ. أَمَّا لو [رُجِّحَ] (1) قِسْمٌ على ما «هو» (2) فَوْقَهُ {ص / 6 ب} بأُمورٍ أُخرى تقتَضي التَّرْجيحَ؛ فإِنَّهُ يُقَدَّمُ (3) على ما فَوْقَهُ - إذ قَدْ يَعْرِضُ للمَفوقِ مَا يجعَلُهُ {ظ / 12 أ} فائقاً -. كما لو كان الحديثُ عندَ (4) مُسلم [مثلاً] (5) ، وهُو مشهورٌ قاصِرٌ عن دَرَجَةِ التَّواتُرِ، لكنْ حَفَّتْهُ قرينةٌ صارَ بها يُفيدُ العِلْمَ؛ فإِنَّه يُقَدَّمُ «بها» (6) على الحديثِ الذي يُخْرِجُهُ البُخاريُّ إِذا كانَ فَرْداً مُطْلقاً. وكما لو كانَ الحَديثُ الَّذي لم يُخْرِجَاهُ مِن ترجمةٍ وُصِفَتْ بكونِها أَصَحَّ الأسانيدِ كمالِكٍ عن نافعٍ عن ابنِ عُمرَ؛ فإِنه يُقَدَّمُ على ما انفرَدَ بهِ أَحدُهُما مثلاً، لا سيَّما إِذا كانَ في إِسنادِهِ مَن فيهِ مَقالٌ. فإِنْ خَفَّ الضَّبْطُ؛ أي: قلَّ - يُقالُ: خَفَّ القومُ خُفوفاً: قَلُّوا (7) - والمُرادُ معَ بقيَّةِ الشُّروطِ [المُتقدِّمَةِ] في حَدِّ الصَّحيحِ؛ فهُو الحَسَنُ لذاتِهِ «لاشتهاره» (9) [لا لِشيءٍ خارِجٍ] (10) ، وهُو الَّذي «قد» (11) يكونُ حُسْنُهُ بسببِ (12) الاعْتِضادِ (13) ، نحوُ حديثِ {ط / 7 أ} المَسْتُورِ إِذا تعَدَّدَتْ طُرُقُه. وخَرَجَ باشْتِراطِ (1) باقي الأوْصافِ الضَّعيفُ. وهذا القِسْمُ مِنَ الحَسَنِ مُشارِكٌ للصَّحيحِ {ن / 9 أ} {هـ / 10 ب} في الاحتِجاجِ {ب / 7 ب} بهِ، وإِنْ كانَ دُونَه، {أ / 10 أ} ومشابِهٌ (2) لهُ في انْقِسامِه إِلى مراتِبَ بعضُها فوقَ بعضٍ. وبِكثْرَةِ طُرُقِهِ يُصَحَّحُ؛ وإِنَّما يُحْكَمُ لهُ بالصِّحَّةِ عندَ تعدُّدِ الطُّرُقِ؛ لأنَّ للصُّورةِ المجموعةِ قُوَّةً تَجْبُرُ القَدْرَ الَّذي قَصَّرَ «الوصفين» (3) بهِ [ضَبْطُ] (4) {ظ / 12 ب} راوِي الحَسَنِ (5) عن راوي الصَّحيحِ، ومِن ثَمَّ (6) تُطلَقُ [الصِّحَّةُ] (7) على الإِسنادِ الَّذي يكونُ حسناً لذاتِه لو تفرَّدَ إِذا تَعَدَّدَ. وهذا حيثُ ينفردُ الوصفُ. فإِنْ جُمِعا؛ أي: الصَّحيحُ والحسنُ في وصفِ [حديثٍ] (9) واحدٍ؛ كقولِ التِّرمذيِّ وغيرِه: [حديثٌ] (10) حَسَنٌ صحيحٌ؛ فللتَّرَدُّدِ (11) الحاصلِ مِن المُجتهدِ في النَّاقِلِ؛ هل اجتَمَعَتْ فيهِ شُروطُ الصِّحَّةِ أَو قَصَّرَ عَنْها؟! وهذا (12) حَيْثُ يَحْصُلُ منهُ التَّفرُّدُ بتلكَ (13) الرِّوايةِ. وعُرِف بهذا (14) جوابُ مَن اسْتَشْكَلَ الجَمْعَ بينَ الوصفينِ، فقالَ: الحسنُ قاصرٌ عنِ الصَّحيحِ، ففي الجمعِ بينَ الوَصفَيْنِ إِثباتٌ لذلك (15) القُصورِ ونَفْيُه!

معلومات عن المادة

  • الزمن:1:10:11
  • القسم:علوم الحديث
    • وسوم:
    • نادر العمراني
    • مصطلح الحديث
    • قناة التناصح